الرئيسية » مقالات » مقالاتي |
الصحابة هم رؤوس الأولياء وصفوة الأتقياء وقدوة المؤمنين وأسوة المسلمين وخير عباد الله بعد الأنبياء والمرسلين. الصحابة شرّفهم الله بمشاهدة خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم وصُحبته في السراء والضراء، وبذلهم أنفسهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله عز وجل حتى صاروا خيرة الخيرة، وأفضل القرون بشهادة المعصوم صلى الله عليه وسلم. الصحابة هم خير الأمم، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم. الصحابة هم الذين أقاموا أعمدة الإسلام بسيوفهم، وشادوا قصور الدين برماحهم، وأوصلوا دين الله إلى أطراف المعمورة بجهادهم وأخلاقهم. الصحابة أخلصوا دينهم لله، وجردوا متابعتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التمام والكمال تحملوا الغربة، هاجروا إلى الحبشة، وهاجروا إلى المدينة، تركوا ديارهم وأموالهم وقراباتهم، تحملوا الأذى في سبيل الله وما خباب وبلال وعمار، وسمية وغيرهم عنكم بعيد. كان الواحد منهم يُضرب حتى ما يقدر أن يستوي من الضُّر. حفروا الخندق بأيديهم في الشتاء، وهم يقولون: نحن الذين بايعوا محمدًا وصدق من قال عنهم: وأفضلُ الأمة ذاتُ القدر يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:"لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحدٍ ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه"[رواه البخاري ومسلم]. الصحابة الكرام يكفيهم شرفًا ورفعةً وعزا أن الله من عليائه أثنى عليهم ورضي عنهم. قال عز وجل: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]. المهاجرون لم يهاجروا إلى المدينة إلا ابتغاء رحمة الله، لم يبتغوا دنيا ولا مناصب قال الله تعالى عنهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218]. المهاجرون أعظم الناس أجرا، وفائزون، ورضي الله عنهم، وسيدخلهم رحمته و جنته، قال الله تعالى في الآيات من سورة التوبة: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ *يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التوبة: 20، 22]. أما الأنصار فحبهم علامة الإيمان، وبغضهم علامة النفاق والعصيان، يقول تعالى عنهم: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. الصحابة من المهاجرين والأنصار هم المؤمنون حقا بشهادة الله، حتى لا يأتي من يشكك فيهم وفي إيمانهم، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 74] هم صفوة الأقوام فاعرف قدرهم وعلى هداهم يا موفق فاهتد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «إن الله تعالى اطلع في قلوب العباد فاختار محمدًا صلى الله عليه وسلم فبعثه برسالته، وانتجبه بعلمه، ثم نظر في قلوب العباد بعد، فاختار له أصحابًا فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه صلى الله عليه وسلم». لقد كمّل الصحابة بعضهم بعضًا، في خصال الخير، فأرحم الأمة بها أبو بكر الصديق، وأشدها في الله عمر، وأصدقها حياءً عثمان، وأشجعها علي، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر، وابن مسعود صاحب السر الذي يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم دون استئذان، وحذيفة مستودع سر أخبار المنافقين. رضي الله عنهم وأرضاهم. الصحابة الكرام رضي الله عنهنم: دافعوا وذبوا - عن نبيهم ودينهم، سجّل الله ذلك لهم في كتابه العزيز بقوله: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 22، 23] في غزوة بدر لما لاقوا العدو على غير ميعاد، وغير استعداد فقد قام فيهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه خطيبًا فقال: «أشيروا على أيها الناس» فقال أحدهم وهو المقداد: "يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنوا إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك دونه حتى تبلغه". ثم قام سعد بن معاذ فقال: "امض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبرٌ في الحرب، صدقٌ في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسِر على بركة الله". بذلوا النفوسَ وأرْخصوا أموالَهم ﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ قال الإمام مالك بن انس: "من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله فقد أصابته هذه الآية. فمن أضل ومن أظلم ومن أشقى وأتعس ممن يكون في قلبه غل على الصحابة الكرام. هل هناك من يحكم على الصحابة بالردة؟ نعم إنهم الرافضة الاثناعشرية يقولون:إن الصحابة ارتدوا جميعا ما عدا ثلاثة منهم. بل يقولون: "كل بلاء وقع في الأمة وكل ظلم سببه الرئيس أبو بكر وعمر. قال أيوب السختياني رحمه الله: «من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب عليًا فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق». وقد بين - شيخ الإسلام رحمه الله- في كتابه القيم الصارم المسلول على شاتم الرسول: «من زعم أن الصحابة ارتدوا أو فسقوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم فلا ريب في كفره لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم». يقولون: إن الصحابة هم خالفوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلموالله يخبرنا عنهم أنه سبحانه لا يخزيهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، قال الله تعالى في أواخر سورة التحريم: يوم لا يخزي الله والنبي ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8]. ماذا يريد من ينتقص من الصحابة؟ ما هدف الذين يشككون في الصحابة وفي عدالتهم؟ لهم هدفان: الأول: التشكيك في المربي عليه الصلاة والسلام؛ أنه ما أحسن اختيار الصحبة، وما أتقن تربيتهم. الهدف الثاني التشكيك في المنهج: فديننا وقرآننا وسنة نبينا جاؤوا إلينا عبر الصحابة الكرام والانتقاص منهم انتقاص في المنهج؛ فهم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبيننا، فالقدح في الناقل قدح في المنقول. ولهذا هم يعتقدون ان القرآن محرّف، وألّف أحد علماءهم ويُدعى آية الله العظمى نور الطبرىسي كتابًا اسماه: فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب، وقال: ما سلم من التحريف إلا من الكوثر إلى الناس. ولهذا قلما تجدون فيهم حافظا للقران ولا يهتمون بذلك بل يحاربون القرآن وأهل القرآن. قال أبو زرعة الرازي رحمه الله: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة». يا لائمي في حُبِّ صحبِ محمدٍ والله من عليائه شهد للصحابة بأنهم مجاهدون مفلحون أصحاب خير لهم الجنة، قال الله تعالى: ﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 88، 89]. الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة كم كانوا؟ كانوا ألفًا وأربعمائة ماذا قال الله عنهم: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18] وفيهم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النارَ أحد ممّن بايع تحت الشّجرة" [رواه مسلم (16/57، 58) عن أم مبشر الأنصارية]. كم خرج من النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة؟ثلاثون ألفا، ماذا قال الله عنهم ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117]. يقولون الذين اسلموا بعد الفتح اسلامهم مردود وخاصة أبو سفيان، اسمعوا ماذا يقول الله عنهم: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 10]. ومن وعده الله الحسنى لا تمسه النار، ولا يسمع حسيسها، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 101، 102]. ورحم الله القحطاني إذ يقول في نونيته: لا تَعْتَقِدْ دِيْنَ الرَّوافض إنَّهم أخي الكريم: هل تريد أن يرضى الله عنك؟ شرطٌ واحد مطلوب منك. اسلك سبيل المهاجرين والأنصار، اتبعوا نهج محمد وصحبه، قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]. حديثنا عن الصحابة وحقوقهم وفضلهم لم ينته بعد، اللهم صل وسلم على النبي المختار، وآله الأخيار، وصحابته الأبرار، وأزواجه الأطهار ما تعاقب الليل والنهار. اللهم إنا نشهدك على محبة أصحاب نبيك فاحشرنا معهم، واحشرنا في زمرتهم يا أرحم الراحمين، اللهم اجمعنا بهم في جنات النعيم، واجزهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، يا اكرم الأكرمين. | |
مشاهده: 34 | |
مجموع التعليقات: 0 | |