الرئيسية » مقالات » مقالاتي

والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار

 الآية: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.

 السورة ورقم الآية: التوبة (100). 

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ والسابقون الأولون ﴾ يعني: الذين شهدوا بدراً

﴿ من المهاجرين والأنصار ﴾ يعني: الذين آمنوا منهم قبل قدوم الرَّسول عليهم فهؤلاء السُّبَّاق

من الفريقين وقيل: أراد كلَّ مَنْ أدركه من أصحابه فإنَّهم كلَّهم سبقوا هذه الأمة بصحبة النبي

صلى الله عليه وسلم ورؤيته ﴿ والذين اتبعوهم بإحسان ﴾ يعني: ومن اتبعهم على مناهجهم إلى

يوم القيامة ممَّن يُحسن القول فيهم.

 تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ﴾ الآية، قرأ

يعقوب وَالْأَنْصارِ رفع، عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: وَالسَّابِقُونَ، وَاخْتَلَفُوا في السابقين، قَالَ سَعِيدُ بْنُ

الْمُسَيَّبِ وَقَتَادَةُ وَابْنُ سَيْرَيْنَ وَجَمَاعَةٌ: هُمُ الَّذِينَ صَلَّوا إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ. وَقَالَ عَطَاءُ بن أبي رياح:

هُمْ أهْلُ بَدْرٍ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بِالْحُدَيْبِيَةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ امْرَأَتِهِ خَدِيجَةَ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى

أَنَّهَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ وَصَلَّى عَلِيُّ بْنُ

أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قول جابر، وقال مُجَاهِدٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ

سِنِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بَعْدَ خَدِيجَةَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ

عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَهُوَ قَوْلُ

الزُّهْرِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَيَقُولُ:

أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وَمِنَ الصِّبْيَانِ عَلِيُّ بْنُ

أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمِنْ العبيد بلال، ومن الموالي زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ. قَالَ ابْنُ إسحاق: لما

أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ وَدَعَا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَكَانَ رَجُلًا مُحَبَّبًا سَهْلًا

وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ وَأَعْلَمَهَا بِمَا كَانَ فِيهَا، وَكَانَ تَاجِرًا ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، وَكَانَ رِجَالُ قَوْمِهِ

يَأْتُونَهُ وَيَأْلَفُونَهُ لِغَيْرٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرِ، لِعِلْمِهِ وَحُسْنِ مُجَالَسَتِهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ مَنْ وَثَقَ

بِهِ مَنْ قَوْمِهِ، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ فِيمَا بَلَغَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ

عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍّ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَجَاءَ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حِينَ اسْتَجَابُوا لَهُ فأسلموا وصلّوا، فكان هؤلاء الثمانية نفر الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ تتابع

الناس في الدخول إلى الإسلام. وأمّا السَّابِقُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَهُمُ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَكَانُوا ستة نفر فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى وَسَبْعِينَ فِي العقبة الثَّانِيَةِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا

حِينَ قَدِمَ عليهم أبو زرارة مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ، فأسلم معه خُلُقٌ كَثِيرٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ

النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ، الَّذِينَ هَاجَرُوا قَوْمَهُمْ

وَعَشِيرَتَهُمْ وَفَارَقُوا أَوْطَانَهُمْ. وَالْأَنْصارِ، أَيْ: وَمِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمُ الَّذِينَ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَعْدَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَآوَوْا أَصْحَابَهُ، ﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ ﴾،

قيل: بَقِيَّةُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ سِوَى السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ. وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ سَلَكُوا سَبِيلَهُمْ فِي

الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ أَوِ النُّصْرَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: هُمُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الْمُهَاجِرِينَ

وَالْأَنْصَارَ بِالتَّرَحُّمِ وَالدُّعَاءِ. وَقَالَ أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ: أَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعَّبٍ الْقُرَظِيَّ فَقُلْتُ

لَهُ: مَا قَوْلُكَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: جَمِيعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ مُحْسِنُهُمْ وَمُسِيئُهُمْ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: اقْرَأْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى:

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ، إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾،

وَقَالَ: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ، شَرَطَ فِي التَّابِعَيْنِ شَرِيطَةً وَهِيَ أَنْ يَتْبَعُوهُمْ فِي أَفْعَالِهِمُ الْحَسَنَةِ

دُونَ السَّيِّئَةِ. قَالَ أَبُو صَخْرٍ: فَكَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الآية قط. وروينا أن النبيّ قال: «لا تسبّوا

أصحابي فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مَدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ».

ثُمَّ جَمَعَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الثَّوَابِ فَقَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي

تَحْتَهَا الْأَنْهارُ ﴾، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ مكة، وقرأ

الآخرون بحذف من، ﴿ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

الفئة: مقالاتي | أضاف: alatoon (2025-01-05)
مشاهده: 15 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0